باحث

Author

Aug 20, 2025

Published

العربية

Language

الوسواس القهري في العقيدة

الوسواس القهري في العقيدة هو من أصعب وأشد الابتلاءات التي قد يواجهها المسلم

3 min read

الوسواس القهري في العقيدة

الوسواس القهري في العقيدة
ما هو باختصار؟
الوسواس القهري في العقيدة هو من أصعب وأشد الابتلاءات التي قد يواجهها المسلم. أحيانًا تأتي للإنسان أفكار غريبة أو خواطر سيئة عن الله تعالى، أو عن الدين، أو عن العقيدة، فيشعر بالخوف الشديد وكأنه ارتدّ أو خرج من الإسلام، مع أنه في الحقيقة لا يريد هذه الأفكار ولا يرضى بها.

هذا الأمر ليس دليلاً على ضعف الإيمان، بل قد يكون علامة على قوة الإيمان، لأن قلب المؤمن يتألم من هذه الخواطر ويحزن لوجودها.
معنى الوسواس القهري في العقيدة
الوسواس: هو الأفكار أو الخيالات أو الخواطر التي تدخل على عقل الإنسان من غير اختياره.
القهري: يعني أن هذه الأفكار تأتي رغمًا عنه، حتى لو حاول أن يطردها أو يتجاهلها، ترجع وتلحّ عليه.
في العقيدة: المقصود أن هذه الوساوس تكون مرتبطة بأمور الإيمان بالله، أو القرآن، أو الرسول ﷺ، أو اليوم الآخر، أو حتى بالعبادات مثل الصلاة والطهارة.

فالإنسان قد يسمع في داخله كلمات كفرية، أو أسئلة محرجة عن الله، أو شكوكًا في وجوده، أو في صدق القرآن.
موقف الإسلام من الوسواس
النبي ﷺ بيّن أن هذه الوساوس لا تضر المسلم إذا لم يتكلم بها أو يعمل بها، بل تُغفر له.

جاء في الحديث الصحيح: أن بعض الصحابة قالوا للنبي ﷺ: "يا رسول الله، إن أحدنا ليجد في نفسه ما يتعاظم أن يتكلم به!"، يعني أفكار سيئة جدًا. فقال ﷺ: "ذاك صريح الإيمان" (رواه مسلم).

وفي حديث آخر قال ﷺ: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها، ما لم تتكلم أو تعمل" (متفق عليه).
إذن: مجرد وجود الفكرة في العقل لا يُحاسب عليها المسلم، ما دام يكرهها ويجاهد نفسه ضدها.
لماذا تأتي الوساوس؟
من الشيطان: الشيطان يحاول أن يفسد على المؤمن صلاته وعقيدته، فيدخل عليه الشكوك.
من طبيعة النفس البشرية: العقل يحب السؤال والبحث، وأحيانًا يطرح أسئلة أكبر من قدرته على الإجابة، فتتحول لوسواس.
من القلق النفسي: بعض الناس لديهم حساسية زائدة وخوف من الخطأ، فيتضخم عندهم الوسواس.
كيف نتعامل مع الوسواس القهري في العقيدة؟

الحل هو التجاهل الكامل للأفكار وعدم إبداء أي فعل أو قول أو تفكير نتيجة طروء الفكرة الوسواسية.
اعتبر الوسواس مثل كلب يعوي: لا تُعره أي اهتمام.
كن باردًا جدًا جدًا وسلبيًا تجاهه.
لا تفعل أي شيء من أي نوع؛ سواء كلام، أو فعل، أو أفكار.
لا تسترسل مع الوساوس.
واحرص فقط على:
- أداء الفرائض.
- المحافظة على ورد من القرآن والذكر.
- الجانب النفسي والطبي
الوسواس القهري مرض نفسي أيضًا، له علاج عند الأطباء والمتخصصين. أحيانًا يحتاج المريض إلى جلسات علاج معرفي سلوكي، أو أدوية تساعده في التحكم بالأفكار. فلا عيب أبدًا أن يزور المسلم طبيبًا نفسيًا بجانب التمسك بالذكر والدعاء.

أمثلة واقعية:
- رجل يدخل في الصلاة، ثم يشك: هل كبرت تكبيرة الإحرام أم لا؟ هل قرأت الفاتحة أم لا؟ فيعيد مرارًا.
- آخر تأتيه فكرة: "من خلق الله؟" فيتعب جدًا ويخاف أنه كفر.
- امرأة كلما توضأت تشعر أن وضوءها لم يصح، فتغسل وتتوضأ عشرات المرات.

كل هذا يدخل في الوسواس القهري، وعلاجه في تجاهل الوساوس وعدم الاستجابة لها.

خاتمة
الوسواس القهري في العقيدة ابتلاء قد يصيب المؤمن، لكنه لا يعني ضعف الإيمان أو خروجه من الإسلام. بل المؤمن الحق هو الذي يتألم من هذه الأفكار ويجاهدها.
العلاج يكون بالصبر، والذكر، والدعاء، والاستعاذة بالله، وعدم الاستسلام للوساوس، مع الاستعانة بالأطباء إن لزم الأمر.
فليطمئن قلب كل مبتلى: الله لا يؤاخذك بما يجول في نفسك من غير اختيارك، وإنما يحاسبك على ما تعمدت وفعلت.
Share Article:
ب

باحث

Article Author