رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
قال الله تعالى في سورة النور: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ )(37)
و التفسير الميسر لها: رجال لا تشغلهم تجارة ولا بيع عن ذِكْرِ الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة لمستحقيها، يخافون يوم القيامة الذي تتقلب فيه القلوب بين الرجاء في النجاة والخوف من الهلاك، وتتقلب فيه الأبصار تنظر إلى أي مصير تكون؟
و هنا أريد أن أربط هذا المعنى الجلي بظاهرة الفساد في الأرض، أولئك الذين طبع الله على قلوبهم فاكلوا الحرام و الربا و بغوا في الأرض حتى يشار الهم بالبنان فيقال هذا ربح الدنيا و ما فيها و ما هو و الله الا طاغٍ في الأرض ظلم نفسه و ظلم من فيها فمتى فتئ يجمع ماله بالحرام و قد نسي أن له يوما يبعث فيه فيسأله ربه ما فعلت كذا و كذا حتى اطمأن لماله و لنفسه.
قال الله فيهم( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) (27)
كيف يستوي هو ومن يؤمن بربه ويخشاه؟ المؤمن يحفظ نفسه من الحرام والظلم، ويبتغى الرزق الحلال، ويحرص على طاعة الله، فلا تلهيه الدنيا عن حقه وواجباته. أما الطاغون في الأرض فيلهثون وراء الربح بأي وسيلة، ويظلمون من حولهم، وما يغتنونه لا ينفعهم عند الله يوم القيامة.
فالفرق بين المؤمن والطاغية هو الورع والتقوى، فالمؤمن يوازن بين طلب الرزق والاهتمام بالآخرة، والطاغية ينسى الحساب فيلهيه الطمع.